أكثر من 9 آلاف بلاغ ضد منشور لخيرت فيلدرز بتهمة التمييز
أمستردام – سجّل المركز الوطني الهولندي لمكافحة التمييز Discriminatie.nl أكثر من 9,000 بلاغ خلال أيام قليلة، عقب نشر زعيم حزب الحرية (PVV) خيرت فيلدرز صورة أثارت جدلاً واسعاً، في أعلى حصيلة شكاوى تتعلق بحادثة واحدة منذ تأسيس المركز مطلع 2024.
المنشور، الذي نُشر مطلع الأسبوع، تضمّن صورة مركّبة لوجهين نصفين: على اليسار شابة شقراء أسفلها شعار حزب الحرية (PVV)، وعلى اليمين امرأة مسنّة غاضبة ترتدي الحجاب أسفلها شعار حزب العمل (PvdA)، مرفقاً بعبارة: “الأمر عائد إليكم في 29/10″، في إشارة إلى موعد الانتخابات المقبلة.
المركز أوضح أن العديد من المبلّغين رأوا في الصورة “تشابهاً مثيراً للقلق” مع دعاية نازية معادية للسامية خلال الحرب العالمية الثانية، كما اعتبرها آخرون تمييزاً على أساس الأصل أو الدين، وأيضاً على أساس الجنس والعمر، واصفينها بأنها “مستفزة، مثيرة للكراهية، وعنصرية”.
المتحدث باسم المركز أكد أن حجم البلاغات “رسالة واضحة من المجتمع”، مشيراً إلى أن قرار رفع دعوى قضائية قد يُتخذ الاثنين المقبل. وأوضح أن تقديم البلاغات ممكن بشكل مجهول، وأنه قد يكون بعض الأشخاص قد أرسلوا أكثر من بلاغ واحد.
النيابة العامة الهولندية أعلنت الجمعة أنها لم تتلق حتى الآن أي بلاغات رسمية حول الصورة.
ويعد هذا الحادث الأكبر من حيث عدد الشكاوى منذ واقعة عام 2020، حين أثار مقطع غنائي بعنوان “الوقاية خير من الصينيين” موجة استنكار، أسفرت حينها عن نحو 4,000 بلاغ.
تثير قضية البلاغات الأخيرة ضد منشور زعيم حزب الحرية الهولندي، خيرت فيلدرز، نقاشاً واسعاً حول حدود حرية التعبير في هولندا وعلاقتها بالقوانين التي تجرّم التمييز وخطاب الكراهية.
تعد هولندا من الدول التي تمنح مواطنيها هامشاً واسعاً للتعبير عن الرأي، حيث يكفل الدستور الهولندي في المادة 7 حرية التعبير والنشر. ومع ذلك، فإن هذه الحرية ليست مطلقة، إذ تقيّدها مواد قانون العقوبات التي تحظر التحريض على الكراهية أو التمييز أو العنف ضد الأفراد أو الجماعات على أساس العرق أو الدين أو المعتقد أو الجنس أو التوجه الجنسي أو الإعاقة أو العمر.
المادة 137c: تجرّم الإهانة العلنية لجماعة أو فئة من السكان على أساس العرق أو الدين أو الميول الجنسية أو الإعاقة.
- المادة 137d: تجرّم التحريض علناً على الكراهية أو التمييز أو العنف ضد جماعة أو فئة معينة.
- المادة 137e: تجرّم نشر أو توزيع مواد مكتوبة أو مصوّرة تتضمن تحريضاً أو إهانة أو تمييزاً.
تصل العقوبات في هذه المواد إلى الغرامات المالية أو السجن لفترات قد تصل إلى سنة واحدة، وفي الحالات المشددة إلى عامين.
القضاء الهولندي يتعامل بحذر مع القضايا التي تمس السياسيين أو الحملات الانتخابية، نظراً لحساسية التوازن بين حرية التعبير والنقاش العام من جهة، ومنع خطاب الكراهية من جهة أخرى. في حالات سابقة، خضع فيلدرز نفسه لمحاكمات بتهم التحريض على التمييز، كما في قضيته الشهيرة عام 2016 حين أدين بالتحريض ضد الجالية المغربية في هولندا.
في قضية المنشور الأخير، لم تُقدَّم حتى الآن شكاوى رسمية إلى النيابة، لكن حجم البلاغات لدى Discriminatie.nl يعكس استياءً اجتماعياً واسعاً. إذا قرر المركز رفع القضية، فإن النيابة العامة ستقيّم ما إذا كانت الصورة تدخل ضمن حرية التعبير السياسية المباحة، أو أنها تمثل تحريضاً ممنوعاً بموجب المواد 137 من قانون العقوبات.
القانون
القانون الهولندي يوازن بين حماية حرية التعبير ومنع خطاب الكراهية، لكن الخط الفاصل بينهما يظل محل جدل في القضايا السياسية. قضية فيلدرز الأخيرة قد تتحول إلى اختبار جديد لهذا التوازن، وقد تحدد مسار التعامل مع الخطاب السياسي المثير للانقسام في الحملات الانتخابية المقبلة.