تصاعد شعبية حزب فيلدرز على خلفية أحداث مرتبطة باللاجئين قبل الانتخابات المقبلة
تشهد الساحة السياسية الهولندية في الأسابيع الأخيرة تحولات لافتة، مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها في التاسع والعشرين من أكتوبر المقبل. ففي خضم النقاشات المحتدمة حول قضايا الأمن والهجرة، برز حزب الحرية (PVV) بزعامة خيرت فيلدرز كأكبر المستفيدين من المستجدات الأخيرة، بعد سلسلة من الحوادث التي ارتكبها بعض طالبي اللجوء في البلاد، الأمر الذي أعاد ملف اللجوء إلى صدارة النقاش العام، وزاد من حضور الخطاب المتشدد الذي يتبناه فيلدرز منذ سنوات.
الاستطلاع الأخير الذي أعدته مؤسسة Peilingwijzer بالاعتماد على بيانات كل من Ipsos I&O و Verian/EenVandaag، يظهر بوضوح أن حزب PVV يتصدر نوايا التصويت بحصوله على ما بين 29 و35 مقعداً إذا ما أجريت الانتخابات اليوم، وهو ما يجعله القوة البرلمانية الأكبر بفارق ملحوظ عن أقرب منافسيه. ويأتي تحالف GroenLinks/PvdA في المرتبة الثانية بحصولها على ما بين 25 و29 مقعداً، لتستمر المنافسة الثنائية بينها وبين حزب فيلدرز على صدارة المشهد. كما يظهر الاستطلاع تراجعاً ملحوظاً في قوة بعض الأحزاب التقليدية مثل حزب الشعب من أجل الحرية والديمقراطية (VVD) الذي تتراوح توقعاته الآن بين 12 و18 مقعداً فقط، والحزب الديمقراطي المسيحي (CDA) الذي يقف عند حدود 21 إلى 26 مقعداً، وهو ما يعكس اهتزاز ثقة الناخبين في الأحزاب التي لعبت أدواراً محورية في الحكومات السابقة.
اللافت أن صعود PVV يأتي رغم وجود شريحة من الناخبين ما زالت مترددة في منحه أصواتها مرة أخرى، نظراً لتجارب سابقة يرون أن الحزب لم يفِ خلالها بوعوده، خصوصاً على صعيد الملفات الاقتصادية والمعيشية. هذا التردد لا ينفي أن الخطاب المتشدد حيال اللاجئين لا يزال يجد صداه بقوة لدى قطاعات واسعة من الناخبين، خاصة مع تصاعد الشعور بالقلق تجاه قضايا الأمن والاندماج الاجتماعي.
وتبرز أهمية هذه المعطيات في ظل أن الانتخابات المقبلة قد تحدد بشكل كبير شكل الحكومة الائتلافية المقبلة، خصوصاً وأن المشهد السياسي الهولندي يتسم بتعددية حزبية كبيرة وصعوبة في تشكيل حكومات مستقرة. وإذا ما تمكن حزب فيلدرز من الحفاظ على تقدمه الحالي، فسيكون أمام الأحزاب الأخرى خيار صعب: إما الدخول في تحالف مع حزب طالما رفضته كلياً، أو بناء جبهة واسعة ضده لتقويض فرصه في قيادة الحكومة المقبلة.
يبقى أن نرى كيف ستتطور المزاجات السياسية في الأسابيع القليلة المقبلة، وما إذا كان صعود PVV سيستمر على هذا المنحى، أم أن الأحزاب المنافسة ستتمكن من استعادة ثقة الناخبين عبر التركيز على بدائل اقتصادية واجتماعية أكثر إقناعاً. المؤكد حتى الآن أن ملف اللجوء سيكون العامل الحاسم في رسم ملامح الاستحقاق الانتخابي المقبل، وأن خيرت فيلدرز نجح مجدداً في فرض أجندته على النقاش العام الهولندي.