قبل افتتاح IBC 2025 في أمستردام: الذكاء الاصطناعي و5G يرسمان ملامح الجيل الجديد للبث والإعلام
أمستردام – 4 سبتمبر/أيلول 2025
تستعد صناعة الإعلام والترفيه لانطلاقة جديدة مع اقتراب افتتاح معرض ومؤتمر IBC 2025 في مركز “راي” بالعاصمة الهولندية، حيث تتجه أنظار العاملين في البث والاتصال إلى موجة ابتكارات تركّز على الإنتاج المعتمد على الذكاء الاصطناعي، والبنى السحابية-المعرفية بالبرمجيات، وحلول مشاهدة أقل تأخيرًا وأكثر تفاعلية.
في واجهة الاتجاهات الكبرى هذا العام تظهر منظومات الإنتاج “الذكاء-أصلي” (AI-native)، حيث تُدمج نماذج الذكاء الاصطناعي مباشرة داخل مسارات الفيديو والصوت الحية لاكتشاف الأخطاء، وتوليد القصاصات والملخصات، ومراقبة الجودة لحظيًا. إلى جانب ذلك، تتسارع الهجرة إلى العمل عبر بروتوكولات IP والسحابة بما يسمح بإدارة موارد البث كخدمات مرنة وقابلة للتوسع، من دون الاعتماد على غرف تحكّم تقليدية مكلفة.
ويحتل البث عبر 5G موقعًا متقدمًا ضمن المشهد، مع عروض تُبرز إرسال القنوات والتنبيهات العامة إلى ملايين الأجهزة في الوقت نفسه، ما يفتح الباب أمام تجارب أحداث جماهيرية ورياضات مباشرة بموثوقية أعلى خارج قيود الشبكات المزدحمة. وعلى مسار التوزيع، يبرز توجه DVB-NIP (Native IP) الذي يتيح تقديم القنوات والخدمات التلفزيونية كحِزم IP خالصة إلى الأجهزة المنزلية والمحمولة، من دون المرور بطبقات تحويل قديمة، وهو ما يُعَدّ خطوة عملية لتوحيد تجربة البث وOTT في مناطق التغطية الصعبة.
الرياضة الحية تحضر بقوة عبر طبقات تفاعلية تضيف إحصاءات وتصويتات وخيارات تسوّق داخل الفيديو نفسه، ما يرفع زمن المشاهدة ويخلق مخزونًا إعلانيًا جديدًا قابلًا للقياس. وعلى المستوى التقني، تتقدم حلول الترميز الحديثة وخوارزميات الترميز-المدعوم (Enhancement) التي تحسّن الجودة أو تخفّض البت-ريت من دون تغيير البنية الحالية، إلى جانب استراتيجيات إعلان خادمية ذكية تمنح الناشرين قدرة أكبر على تحقيق الدخل من اللحظة المباشرة.
ومن التطورات اللافتة كذلك الدبلجة الفورية متعددة اللغات التي تحافظ على نبرة المتحدث وإحساسه مع مزامنة دقيقة للصوت والصورة، إلى جانب أنظمة الكتابة والترجمة الآنية التي توسّع الوصول للجماهير وتزيد الامتثال لمتطلبات الشمولية. أما في الصوت والصورة الغامرة، فتستعرض الشركات تجارب HDR والصوت المكاني لرفع واقعية المباريات والنقل المباشر إلى مستويات أقرب لتجربة المدرج.
ولأن الثورة الرقمية تحتاج إلى ثقة، يحضر ملف توثيق المنشأ ومصداقية المحتوى (Content Credentials/C2PA) ضمن المبادرات المشتركة التي تهدف إلى إيضاح مصدر المواد الإعلامية وتاريخ تعديلها، في مواجهة الازدحام المعلوماتي وصعود التلاعب العميق. كما تشهد البنية المتنقلة قفزة مع شاحنات بث UHD/HDR ذات قلوب IP-أصيلة تسمح بإعادة تهيئة سريعة للمهمات الميدانية، فيما تواصل الكاميرات POV متناهية الصغر ذات الغالق العالمي طريقها إلى هوامش الملاعب والقوارب والطائرات الصغيرة لالتقاط زوايا لم تكن ممكنة من قبل. ويكمل المشهد توجّه الاتصال الهجين عبر الأقمار الثابتة والمنخفضة المدار لتأمين مساهمات مرنة وزمن وصول أقل في المواقع البعيدة.
بهذه التوليفة من الذكاء الاصطناعي والاتصالات والشبكات السحابية والمعايير المفتوحة، يبدو أن IBC 2025 سيقدم خريطة طريق عملية لتحويل غرف الأخبار والاستديوهات ومنصات البث إلى منظومات أكثر رشاقة وربحية، مع تجربة مشاهدة أغنى للمستهلك النهائي، وثقة أعلى في أصل المحتوى ومصداقيته. ومن المتوقع أن تشكل الأيام المقبلة اختبارًا حيًا لهذه الحلول قبل أن تبدأ موجة نشر أوسع خلال العامين المقبلين.